حرم الله أكل الميتة وأحل ميتتان ما هما ستندهش عندما تعرف

 

حرم الله أكل الميتة وأحل ميتتان ما هما ستندهش عندما تعرف




حكم أكل الميتة

 حرَّم الله -تعالى- أكل الميتة؛ وهي ما مات وخرجت روحه من الحيوانات بدون ذبحٍ شرعيٍّ، قال تعالى (قُل لا أَجِدُ في ما أوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلى طاعِمٍ يَطعَمُهُ إِلّا أَن يَكونَ مَيتَةً أَو دَمًا مَسفوحًا أَو لَحمَ خِنزيرٍ فَإِنَّهُ رِجسٌ أَو فِسقًا أُهِلَّ لِغَيرِ اللَّـهِ بِهِ فَمَنِ اضطُرَّ غَيرَ باغٍ وَلا عادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفورٌ رَحيمٌ)

ومن رحمة الله -تعالى- بخلقه أنَّه أباح أكل الميتة في حالِ الضرورة، لأنَّها حالةٌ خارجةٌ عن اختيار العبد وإرادته، قال تعالى (إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّـهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّـهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) وقد حرَّم الله تعالى الميتة؛ لأنَّها لم تُذَكّى ذكاةً شرعيةً، وبالتالي فهي ضارّةٌ بسبب الدم الذي يحتقنُ في الحيوانِ الميِّتِ، وعدم خروجه من جسمه مع الدم كما في طريقة الذَّبح الشرعيِّ


الميتتان الحلال أكلهما

 جاءت أدلةٌ خاصةٌ استثنت بعض أنواع الميتة من التحريم، وهما السمك والجراد، ومنه ما ثبت عنه -صلى الله عليه وسلم (غَزَوْنَا مع النبيِّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- سَبْعَ غَزَوَاتٍ أوْ سِتًّا، كُنَّا نَأْكُلُ معهُ الجَرَادَ) وما صح عنه: (سألَ رجلٌ النَّبيَّ -صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ- فقالَ يا رسولَ اللَّهِ إنَّا نرْكبُ البحرَ ونحمِلُ معنا القليلَ منَ الماءِ فإن توضَّأنا بِهِ عطَشنا أفنتَوضَّأُ بماءِ البحرِ فقالَ رسولُ اللَّهِ -صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ- هوَ الطَّهورُ ماؤُهُ الحلُّ ميتتُهُ) وبذلك ثبتت إباحة نوعين من الميتة وتفصيلهما كما يأتي


ميتة السمك

 أجمع العلماء على إباحة ميتة السمك، وعدم حاجته للتذكية الشرعيّة، ولكن تعدّدت آراؤهم في إباحة أكل السمك الطافي على وجه البحر على أقوال: جمهور الفقهاء ذهبوا إلى إباحة أكله وعلّلوا ذلك بأنَّ الأدلة السابقة لم تُفرِّق بين السمك الذي يتم اصطياده والسمك الذي يطفو على وجه البحر، ومن ذلك قوله تعالى(أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَّكُمْ) وقال ابن عباس وغيره في تفسير الآية: صيد البحر هو ما يصطاده الإنسان، أمَّا طعام البحر فهو ما يقذفه بنفسه. الحنفيّة ذهبوا إلى تحريم أكل السمك الطافي على البحر، وأباحوا أكل ما جزر عنه -أي ما تركه البحر من الأسماك على الأطراف بسبب المدّ والجزر-، واستدلّوا على ذلك بما لم يثبت عن الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (ما ألقَى البحرُ أو جزرَ عنهُ فَكُلوهُ، وما ماتَ فيهِ وطفا، فلا تأكُلوهُ) ولكنّ هذا الحديث ضعيف. ويُؤخذ بهذا الرأي لو ثبت طبّياً أنّ السمك الطافي يكون فاسداً ومضرّاً بصحّة البدن، خاصةً إذا مضى على موته وقتٌ طويلٌ من الزمن، فحينئذ يكون التحرّز عنه أَلْيق بقواعد الشريعة الإسلامية التي حرّمت الخبائث.


ميتة الجراد

 والجراد من الأنواع التي يحل أكل ميتته، وقد ناقش الفقهاء اعتبار سبب الموت في حكم إباحة الميتة، كما يأتي: جمهور الفقهاء ذهبوا إلى إباحة أكله كيفما مات لعموم الأحاديث المُبيحة للأكل. المالكيّة ذهبوا إلى تحريم أكل الجراد الذي مات دون سببٍ.


الحكمة من تحريم أكل الميتة 

إن الله -تعالى- حكيمٌ لا يُحَرِّم شيئاً إلا لحِكَمٍ تشمل درءَ الضَررين: الدنيويّ والأخرويّ، وقد استثنى الله -تعالى- من تحريم الميتة ميتة الجراد، وسمك البحر، وجعلهما حلالاً طيّباً، قال صلى الله عليه وسلم (أحلَّت لَكُم ميتتانِ ودَمانِ، فأمَّا الميتَتانِ، فالحوتُ والجرادُ) ومن هنا يتبيَّن أنَّ تحريم الميتة ليس على إطلاقه، وإنّما هو محصورٌ بالدم الجاري، فالحديث الشريف يُبيّن جَوازَ أكل السّمك والجراد بالرغم من أنّهما ميتتان، وهذا دليلٌ على أنَّ لتحريم ميتة الحيوان البريّ حِكَمٌ أخرى، منها ما يأتي النّجاسة بسبب الدم الجاري بداخله، وهذا ما اتّفق عليه الفقهاء الأربعة. مُخالفة أكل الميتة للفطرة السّليمة بسبب قذارتها. سبب وفاة الميتة يكون في الغالب بسبب عِلَّةٍ طارئةٍ، أو مزمنةٍ، أو أكلُ نباتٍ سامٍ، وكلُ هذه الأمور تُسبّب الضرر للإنسان


حكم أكل الميتة للمضطر

 أباح الله -تعالى- للمضطر أكلُ لحم الميتة، بأن يخاف الإنسان على نفسه من الهلاك بشكلٍ قطعيٍّ أو ظنيٍّ، فلا يُشترط في هذه الحالة أن يصبر حتى يُشرِف على الموت. أباح الله -تعالى- للمضطر الأكل من الميتة ونحوها، وأجمع العلماء على ذلك، وذكر الله -تعالى- ذلك في عدّة آياتٍ منها قوله -تعالى-: (فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّـهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) وقوله: (فَمَنِ اضطُرَّ غَيرَ باغٍ وَلا عادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفورٌ رَحيمٌ). ووجه الدلالة من الآيات: أنَّ الله -تعالى- أباح لمن دفعته الضرورة لتناول الميتة ونحوها إذا خاف على نفسه أو بعض أعضائه أن تتضرّر إذا لم يتناولها، لكن دون أن يبغي على غيره من المضطرين فيأكل هو ويموت الآخر أما المقصود بقوله (ولا عادٍ)؛ فهو الذي يتعدّى بأكله من الميتة بتجاوز حدِّ الشّبع، وما يسدُّ الرَّمق، ويندفع به الضرر، والمخمصة هي المجاعة، لكن لا يعني ذكرها في الآيات اقتصار إباحة الأكل من الميتة على حالة المجاعة، وإنما هو عامٌ في كل حالة اضطرار، والمتجانف هو من يتعمَّد الوقوع في البغي ويقصِد الحرام


أحكام ومسائل أخرى متعلّقة بالميتة

 الجنين الميّت من الحيوانات يجدر بالذكر إلى تعدّد آراء العلماء في أكل الجنين من الحيوان بعد موت أمّه، وأجمعوا على جواز أكله إن خرج حيّاً من بطن أمِّه بعد وفاتها، كما تعدّدت آراؤهم في الجنين الذي خرج ميّتاً؛ فذهب الشافعيّة والإمام أحمد إلى جواز أكله. واستدلّوا على ذلك بما ثبت عنه -صلى الله عليه وسلم-: (ذَكاةُ الجَنينِ ذَكاةُ أمِّهِ) وألحقوه بأعضاء الحيوان، حيث إنَّ ذكاة الحيوان ذكاةٌ لها وكذلك الجنين، أمَّا الحنفيّة فقد ذهبوا إلى تحريم أكله، لأنَّه مَيْتة فارق الحياة دون ذكاةٍ شرعيةٍ، فيندرج تحت آيات تحريم الميتة، وذهب مالك إلى أنَّه إذا تمت خِلقته ونبت شعره جاز أكله وإلّا فلا، واستدَّل على ذلك ببعض الأقوال الموقوفة عن الصّحابة الكرام -رضوان الله عليهم


حكم استخدام الميتة في غير الأكل 

تُعتبر الميتة نَجِسةً لِما ثبت عن الرّسول -صلى الله عليه وسلم-: (إِذَا دُبِغَ الإهَابُ فقَدْ طَهُرَ) والإهاب: هو الجلد قبل أن يُدبَغ، لكن يستثنى من نجاسة الميتة ميتة السمك والجراد لأنَّها طاهرة للأحاديث سابقة الذكر. وقد تعدّدت آراء الفقهاء في استخدام الميتة لغير الأكل؛ كاستخدامها لإطعام الكلاب المعلَّمة، أو الطيور الجارحة التي يجوز اقتنائها، أو إضاءة المصابيح، أو طلاء السُفُن، على قولين هما الإباحة؛ وهو قول عطاء بن رباح، وجماعة من الحنفيّة، والظاهريّة، والقول الثاني هو التحريم، وهو مذهب جمهور الفقهاء من المالكيّة، والشافعيّة، والحنابلة في المشهور عندهم


حكم الحيوانات التي تعيش في البحر غير السمك

 تعدّدت آراء الفقهاء في حكم أكل الحيوانات التي تعيش في البحر غير السمك، وبيان آرائهم فيما يأتي جمهور الفقهاء ذهب المالكيّة والشافعيّة والحنابلة إلى جواز أكل جميع الحيوانات التي تعيش في الماء، وقد استثنى الشافعيّة والحنابلة من إباحة أكل الحيوانات التي تعيش في الماء: الحيّة لاستخباثها، والضفدع لورود النّهي عن قتله فيما صحّ عنه -صلوات الله عليه (أنَّ طَبيبًا سأَلَ النَّبيَّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- عن ضِفدَعٍ يَجعَلُها في دَواءٍ، فنَهى النَّبيُّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- عن قَتلِها) والتمساح لأنَّ له ناباً يفترس به. الحنفيّة ذهب الحنفيّة إلى أنَّه لا يحلُّ إلا أكل السمك فقط من حيوانات الماء، وما عدا ذلك يستخبثه الطَّبع، والذي يتتبّع أسباب التحريم التي ذكرها الفقهاء عادةً يجدها تدور حول خمسة أسباب، وهي: الإضرار بالجسم، كالتسمّم والمرض، فيُحَرَّم كل ما ثبت ضرره بقول الأطباء. الإضرار بالعقل، كالمسكِر والمخدّر، فيُحَرَّم كل ما ثبت تعطيله للعقل وإفساده للفرد والمجتمع. النّجاسة، فيُحَرَّم كل ما هو نجس أو متنجّس، كالسمك الذي تنجس بسقوط فأرٍ ميتة فيه. الأشياء المستقذرة، فيُحَرَّم كل ما هو مستقذر عند ذوي الطِّباع السليمة؛ كالبول والروث. التحريم شرعاً، فيُحَرَّم كل ما حرمَّه الشارع بسببٍ خارجٍ عنه؛ كالمسروق والمغصوب، والمكتسب بالقمار والبغاء، وغيرها.