أصعب لحظة بحياة النبي عندما كان على بعد خطوات من الموت قصة الهجرة كما لم تسمعها من قبل

أصعب لحظة بحياة النبي عندما كان على بعد خطوات من الموت قصة الهجرة كما لم تسمعها من قبل









أحداث بارزة على طريق الهجرة النبوية


 بعد أن عادت قريش النبي -صلى الله عليه وسلم- وأرادت قتله، أنزل الله جبريل يخبره بأمر الهجرة، فأمر علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- أن ينام في فراشه، وطلب منه أن يؤدّي الأمانات إلى أهلها ويلحق به في وقتٍ لاحق، وبعدها هاجر النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى 
المدينة وفيما يأتي بيان أبرز ما جاء من أحداث في طريق هجرة الرسول إلى المدينة المنورة

الانطلاق للهجرة مع أبي بكر

 
عندما نزل أمر الهجرة ذهب الرسول -صلى الله عليه وسلم- يخبر أبو بكر -رضي الله عنه- بالإذن بالهجرة، وكان فيما سبق قد استأذن النبي -صلى الله عليه وسلم- للهجرة ولم يأذن له؛ لأنه يريد مرافقته، وفي ليلة الهجرة خرجا من منزل أبي بكر من الباب الخلفي، 
وغادرا مكة على عجالة قبل أن يطلع الفجر، وتوجّها معاً إلى غار ثور


مطاردة قريش للنّبي


 جنّ جنون قريش بعد أن علمت بهجرة النبي -صلى الله عليه وسلم- في الليلة التي كانوا يريدون قتله فيها، وقرّرت قريش وضع مكافأة ضخمة لمن يمسك بمحمد -صلى الله عليه وسلم- وأبي بكر -رضي الله عنه-، وهي مئة ناقة عن كل واحد منهم حياً أو ميتاً، ووضعت جميع الطرق النافذة من مكة تحت المراقبة، وانتشر الناس في البحث عنهما طمعاً في الثروة ولكن دون فائدة، حتى أن المطاردين وصلوا إلى باب الغار ولكن الله أبعد أنظارهم عن النبيّ وصاحبه أبي بكر


الاختباء في غار ثور 


وصل النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى غار ثور ليبيت فيه مع صاحبه، ودخل أبو بكر -رضي الله عنه- قبل النبي إلى الغار يتحسّسه حتى يمنع أي أذى قد يصيب النبي، وأقاما في الغار ثلاثة أيام، وكان عبد الله بن أبي بكر -رضي الله عنه- يبيت عندهما وينقل لهما أخبار قريش، وقد كان المشركون يبحثون عنهما، حتى وصلوا إلى غار ثور فأعمى الله أبصارهم ولم يلتفت أحدٌ منهم إلى الغار


قدوم أسماء بنت أبي بكر بالطعام 


عندما عزم النبي -صلى الله عليه وسلم- على استكمال رحلته ومغادرة غار ثور؛ قدِمت أسماء بنت أبي بكر -رضي الله عنهما- وكانت قد أعدّت سفرتين طعام للسفر لهما، ولم تجد شيئاً لتربط به تلك السفرة، فشقّت نطاقها إلى قسمين، وعلّقت السفرة بواحدٍ ولبست الآخر فسمّاها النبي -صلى الله عليه وسلم- ذات النطاقين


نقل عامر بن فهيرة أخبار قريش


 كان عامر بن فهيرة يتتبّع آثار النبي -صلى الله عليه وسلم- بغنمه حتى وصلوا المدينة ليضلل قريشاً عن النبي وأبي بكر، وكان معهم أيضاً دليلٌ استأجره الرسول -صلى الله عليه وسلم- لفطنته وذكائه؛ يُدعى عبد الله بن أُريقط، ليدلّهم على طرق المسير المختصرة التي توصلهم لمرادهم دون أن يتبعهم أحد.


لقاء سراقة بن مالك


 انطلق سراقة بن مالك يبحث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وصاحبه أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- طمعاً في المكافأة فركب فرسه واقترب من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فتعثّرت فرسه، فنزل عنها، ثم ركبها مرة أخرى، وسار خلف النبي -صلى الله عليه وسلم- وكان النبيّ يسمع ذلك ولا يلتفت، أما أبو بكر فكان يكثر الالتفات، فغاصت قائمتا فرس سراقة بالأرض حتى بلغت الركبتين، فنزل عنها ثم أخرجها وبقيت على هذه الحال حتى علم سراقة حينها أنه ممنوع عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وشَعَر برعبٍ كبير، فأعلن الأمان وناداهما، فوقف النبي -صلى الله عليه وسلم- واعتذر سراقة له، وطلب منه أن يستغفر له، وعرض عليهم أن يعطيهم الزاد، ولكن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال إنه لا يحتاج الزاد، ولكن يريد منه أن يُعَمّي لقريش الخبر، ويضلّهم عنه وعن صاحبه، ووعده بسواري كسرى


الاستراحة عند أم معبد


 استضافت أم معبد الخزاعية رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأبا بكر -رضي الله عنه- في خيمتها، فسألوها إذا كان لديها تمر أو لحم يشتروه منها، فقالت إنه لا يوجد عندها، فرأى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شاة هزيلة في طرف الخيمة ليس في ضرعها لبن. فاستأذنها الرسول -صلى الله عليه و سلم- بحلب تلك الشاة، فأذنت أم معبد له، فدعا رسول الله ومسح عليها، فحلبها وكان لبنها كثيراً، فسقى منه أم معبد، ودُهشت مما رأت، وشرب هو وأصحابه، فكانت هذه بركة دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم ثم غادرا الخيمة واستكملا طريق الهجرة


الوصول للمدينة المنورة


 وصل النبي صلى الله عليه وسلم- إلى قباء وأقام فيها بضعة أيام، وأدركه علي بن أبي طالب بعد أن أدى مهمة تسليم الأمانات وبنى النبي -صلى الله عليه وسلم- مسجد قباء حيث وصفه الله -تعالى وقال (لمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ). ثم واصلوا السير إلى المدينة المنورة، وعندما وصلوا تجمع الأنصار حوله وأراد كلٌ منهم أن يمسك الناقة. فقال لهم النبي أن يدعوها فإنها مأمورة، وبقيت تسير حتى وقفت على مربد لغلامين يتيمين، فاشتراه النبي صلى الله عليه وسلم- منهما ليبني فيه المسجد النبوي، وبات بضعة أيام في منزل أبي أيوب الأنصاري بعد إصراره، وكان أبو أيوب فرحاً بذلك. وهكذا انتهت رحلة الهجرة النبوية الشاقة، وبدأ عهد جديد للإسلام في المدينة المنورة، وتأسست الدولة الإسلامية هناك من تلك الأرض، وانتشر الإسلام بعدها.


تتلخص أحداث الهجرة بانطلاق النبي مع صاحبه أبي بكر للهجرة، والمكوث في غار ثور، ثم بحث قريش عنهما ومطاردتهما بلا جدوى، ومن ثم التجهز للانطلاق إلى المدينة وتجهيز أسماء بنت أبي بكر الطعام لهما، والانطلاق برفقة دليل استأجره النبي وخلفهم عامر بن فهيرة يمسح آثارهما بغنمه، واستمرت العديد من الأحداث إلى أن وصلوا سالمين إلى قباء ثم المدينة المنورة، واستقبلهم المسلمون بفرحٍ وسرورٍ كبير.


دروس مستفادة من طريق هجرة الرسول إلى المدينة 


هذه بعض الدروس والعبر المستفادة من رحلة الهجرة النبوية التي كانت نقلة نوعية عظيمة في التاريخ الإسلامي اختيار أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- دون غيره ليكون رفيق النبي في تلك الرحلة، وهذا يدل على مدى حب النبي -صلى الله عليه وسلم لأبي بكر، كما أنه أقرب الصحابة له، وهو أولى الصحابة بالخلافة بعده. شدة خوف الصحابة على النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقد كانوا يخافون عليه أكثر من أنفسهم، حيث سبق أبو بكر النبي للغار ليتأكد من خلوه من أي خطر يؤذيه. بقاء علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- لتسليم الودائع إلى أصحابها يدل على التناقض العجيب في شخصية المشركين، فهم يكذبون النبي -صلى الله عليه وسلم- ويستأمنونه على أموالهم لأنه صادق أمين، وهذا يدل على أن كفرهم ليس بسبب شك وعدم اقتناع، وإنما بسبب تكبرهم، وعنادهم، واستعلائهم على الحق وخوفاً على زعامتهم.


حريٌّ بالشاب المسلم أن يكون في قمة النشاط في سبيل الله عز وجل من أجل تحقيق مبادئ الإسلام وإقامة المجتمع الإسلامي وهذا كان بارزاً في دور عبد الله وأسماء أبناء أبي بكر -رضي الله عنهم-، فكان عبد الله يتحسّس الأخبار وينقلها إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- ويصعد جبل ثور ذهاباً وإياباً، وأخته أسماء التي ساهمت في تجهيزهم لتلك الرحلة الشاقة من زاد وراحلة. الله -سبحانه وتعالى يؤيّد رسله بالمعجزات، وقد ظهرت معجزتان في قصة الهجرة النبوية، الأولى كانت ما حدث مع سراقة وهو يلاحق الرسول -صلى الله عليه وسلم-، والثانية كانت عندما خرج الرسول -صلى الله عليه وسلم- من بيته وقد أحاط به المشركون يتربّصون به لقتله، فلم يره أحد منهم. حب الأنصار الشديد للرسول -صلى الله عليه وسلم وقد كان هذا واضحاً من استقبالهم له وانتظاره بفارغ الصبر فقد كانوا يخرجون كل يوم وينتظرونه تحت أشعة الشمس، حتى جاء يوم وصوله؛ فهتفوا بالقصائد والأهازيج لاستقباله فرحاً بوصوله، كما أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- بادلهم مشاعر المحبة، فمحبة الرسول -صلى الله عليه وسلم- من الإيمان.