بماذا نبئ نبينا محمد صلى الله عليه وسلم
تنبؤ النبي بحوادث في المستقبل أخبر رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- ببعض الحوادث التي ستحصل في المستقبل، وقد وقعت هذه الحوادث كما أخبر بها -عليه الصلاة والسلام-، ويُعدّ هذا الأمر من دلائل النبوّة، ومن ذلك: ما أخبر به فيما يتعلّق بموت أبي لهب و زوجته على الكفر نتيجةً لما فعلاه برسول الله وأذيّتهما له، ومنْع الناس من اتّباعه والاستجابة لدعوته. إخباره بانتصار فارس على الروم في مدّةٍ لا تزيد عن عشر سنوات، وتحقّق ذلك الانتصار في ذلك الزمن، وفرح المسلمون بانتصار أهل الكتاب على المشركين، أو كما قال بعض العلماء بمصادفة يوم انتصار الفرس على الروم ليوم انتصار المسلمين في بدر
أخبر رسول الله عن الدّجال، ويأجوج ومأجوج، ونزول عيسى -عليه السلام-، وغير ذلك ممّا سيقع في آخر الزمان، وهذا يدلّ على ضرورة وقوع ما أخبر به، وأنّه من قضاء الله وقدره. كما أخبر رسول الله عن بعض الأمور التي ستقع في الزّمن القريب من زمانه، كالذي رواه أبو بكر -رضي الله عنه-، فقال: (سَمِعْتُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، علَى المِنْبَرِ والحَسَنُ إلى جَنْبِهِ، يَنْظُرُ إلى النَّاسِ مَرَّةً وإلَيْهِ مَرَّةً، ويقولُ: ابْنِي هذا سَيِّدٌ، ولَعَلَّ اللَّهَ أنْ يُصْلِحَ به بيْنَ فِئَتَيْنِ مِنَ المُسْلِمِينَ) فوقع ما أخبر به رسول الله في العام الحادي والأربعين من الهجرة، واجتمعت كلمة المسلمين، وسُمّيَ هذا العام بعام الجماعة. ويروي عمران بن الحصين -رضي الله عنه- فيقول: (قَامَ فِينَا النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مَقَامًا، فأخْبَرَنَا عن بَدْءِ الخَلْقِ، حتَّى دَخَلَ أَهْلُ الجَنَّةِ مَنَازِلَهُمْ، وأَهْلُ النَّارِ مَنَازِلَهُمْ، حَفِظَ ذلكَ مَن حَفِظَهُ، ونَسِيَهُ مَن نَسِيَهُ)
تنبؤ النبي باستشهاد بعض الصحابة
صرّح رسول الله باستشهاد مجموعةٍ من الصحابة؛ منهم عمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وعمّار بن ياسر، وأم ورقة، وثابت بن قيس، وأخبر أيضاً عن استشهاد القادة الثلاثة في معركة مؤتة
تنبؤ النبي بعلامات الساعة
بالإضافة إلى ما أخبر به النبيّ عن علامات السّاعة، ولا ينحصر ذلك الإخبار عمّا سيقع في المستقبل، بل أخبر عن أمورٍ كثيرةٍ من الغيب، كالجّنة والنّار، وقصص الأمم السابقة، والملائكة، وكل ذلك بوحيٍ من عند الله -تعالى-، والإيمان به واجب، وإنكاره ينمّ عن عدم الصّدق في الإيمان
تنبؤ النبي بأول الناس وفاة بعده
أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- أنّ أوّل زوجاته وفاةً بعده هي أطولهنّ يداً، فكانت زينب -رضي الله عنها- لكثرة ما كانت تجود به من الصّدقة، وأخبر أنّ أوّل بناته لحاقاً به فاطمة -رضي الله عنها-، فتوفّيت بعده بأقلّ من ستة أشهر، وبشّر بانتصار هذا الدين وتمكينه وانتشاره في بقاع الأرض، فقال: (واللَّهِ لَيُتِمَّنَّ هذا الأمْرَ، حتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِن صَنْعَاءَ إلى حَضْرَمَوْتَ، لا يَخَافُ إلَّا اللَّهَ، أَوِ الذِّئْبَ علَى غَنَمِهِ، ولَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ)،
هل يعلم النبي الغيب
الله -تعالى- هو العالم بالغيب، ولا يمكن لأحدٍ من خلقه أن يعلم الغيب إلا ما يُطلعه -سبحانه- عليه، فقال -تعالى-: (عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا* إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ) وثبت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما يدلّ على ذلك، حيث قال: (وَلَو كُنتُ أَعلَمُ الغَيبَ لَاستَكثَرتُ مِنَ الخَيرِ وَما مَسَّنِيَ السّوءُ). وحين توفّي عثمان بن مظعون دخل عليه رسول الله، فقالت أم العلاء: (رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْكَ أبا السَّائِبِ، شَهادَتي عَلَيْكَ لقَدْ أكْرَمَكَ اللَّهُ، فقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: وما يُدْرِيكِ أنَّ اللَّهَ أكْرَمَهُ، قالَتْ: قُلتُ: لا أدْرِي، بأَبِي أنْتَ وأُمِّي يا رَسولَ اللَّهِ، فَمَنْ؟ قالَ: أمَّا هو فقَدْ جاءَهُ واللَّهِ اليَقِينُ، واللَّهِ إنِّي لَأَرْجُو له الخَيْرَ، وما أدْرِي واللَّهِ وأنا رَسولُ اللَّهِ ما يُفْعَلُ بي)
إنّ من الغيب ما استأثره الله -تعالى- بعلمه، فلم يُطلع عليه أحداً من خلقه، وذلك مثل يوم القيامة، ومن الغيب ما أعلم الله به نبيّه، فكانت معجزة منه للنبيّ تدل على صدقه فرسول الله من البشر، ولا يعلم شيئاً من الغيب إلا ما أخبره الله به. وقد يُسأل عن حكم شيءٍ مُعيّنٍ فينتظر الإجابة من جبريل -عليه السلام-، وأحياناً قد يجيب ثم يأتيه الوحي بخلاف ما أجاب، مثل ما حدث مع مَن جاءه يسأل عن الشهادة، وهل تكّفر كل ما قبلها؟ فأجابه رسول الله: "نعم"، ثمّ ناداه وأخبره إنّ جبريل جاءه آنفاً فقال له إنها تكفّر كل شيء إلا الدَّيْن
موقف المسلم مما نبأ به النبي
الواجب على المسلم أن يُسلّم بما يُخبر عنه النبيّ -عليه الصلاة والسلام- من الأمور الغيبيّة، وأن يتجنّب النقاش والخوض فيها، فإنّ هذه المسألة ليست كغيرها من العلوم الوضعية، وإنّما يُرتكز فيها على النصوص الشرعيّة، والتسليم والإيمان بضرورة وقوعها.
فإنّ حاجة البشر إلى الشّريعة الإسلامية أشدّ مِن حاجتهم إلى الطّعام والشّراب، والإيمان بها يَتْبَعه التسليم المطلق بكلّ ما جاءت به، وطاعة الرسول ومحبّته فيما أمر به واجتناب ما نهى عنه، فإنّ طاعة الرسول ومحبّته من طاعة الله ومحبّته. كما أنّ الإيمان بما نبّأ به النبي من أمور الغيب واجبٌ، وذلك لأمرين؛ أوّلهما: الإيمان بالله -سبحانه- الذي أوحى للنبيّ، والإيمان بعلمه وحكمته وكماله، وثانيهما: الإيمان بالوحي وصدقه، فهو الواسطة بين النبيّ وخالقه، فمن آمن بالله وبرسله، كان لزاماً عليه أن يؤمن بما يُخبر به النبيّ من الأمور الغيبيّة التي أطلعه الله -تعالى- عليها